فصل: حرف الذال

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


*2*  حرف الذال

4309 - ‏(‏ذاق طعم الإيمان من رضي باللّه رباً‏)‏ أي قنع باللّه رباً واكتفى به ولم يطلب غيره ‏(‏وبالإسلام ديناً‏)‏ بأن لم يسع في غير طريقه قال الطيبي‏:‏ ولا يخلو إما أن يراد بالإسلام الانقياد كما في حديث جبريل أو مجموع ما يعبر بالدين عنه في خبر بني الإسلام على خمس ويؤيد الثاني اقترانه بالدين لأن الدين جامع بالاتفاق وعلى التقديرين هو عطف على قوله باللّه رباً عطف عام على خاص وكذا قوله ‏(‏وبمحمد رسولاً‏)‏ بأن لم يسلك إلا ما يوافق شرعه ومن كان هذا نعته فقد وصلت حلاوة الإيمان إلى قلبه وذاق طعمه، شبه الأمر الحاصل الوجداني من ‏[‏ص 558‏]‏ الرضا بالأمور المذكورة بمطعوم يستلذ به ثم ذكر المشبه به وأراد المشبه ورشح بقوله ذاق فإن قيل‏:‏ الرضى بالثالث مستلزم للأولين فلم ذكرها‏؟‏ قلنا‏:‏ التصريح بأن الرضا بكل منهما مقصود قال الراغب‏:‏ والذوق وجود الطعم في الفم وأصله فيما يقل تناوله وإذا كثر يقال له الأكل واستعمل في القرآن بمعنى وجود الإصابة إما في الرحمة نحو ‏{‏ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة‏}‏ وإما في العذاب نحو ‏{‏ليذوقوا العذاب‏}‏ وقال غيره‏:‏ الذوق ضرب مثلاً لما ينالونه عند المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم من الخير‏.‏

- ‏(‏حم م ت‏)‏ في الإيمان ‏(‏عن العباس بن عبد المطلب‏)‏ ولم يخرّجه البخاري‏.‏

4310 - ‏(‏ذاكر اللّه في الغافلين بمنزلة الصابر في الفارين‏)‏ شبه الذاكر الذي يذكر اللّه بين جماعة ولم يذكروا بمجاهد يقاتل الكفار بعد فرار أصحابه منهم فالذاكر قاهر لجند الشيطان وهازم له والغافل مقهور‏.‏ وقال ابن عربي‏:‏ عليك بذكر اللّه بين الغافلين عن اللّه بحيث لا يعلم بك فتلك خلوة العارف بربه وهو كالمصلي بين النيام‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال الهيثمي بعد ما عزاه لهما‏:‏ رجال الأوسط وثقوا وقضيته أن رجال الكبير لم يوثقوا فلو عزاه المصنف للأوسط لكان أحسن‏.‏

4311 - ‏(‏ذاكر اللّه في الغافلين مثل الذي يقاتل عن الفارين‏)‏ لأن أهل الغفلة قد تعلقت قلوبهم بالأسباب فاتخذوها دولاً فصارت عليهم فتنة فإذا ذكر اللّه بينهم كان فيه ردّاً عليهم غيبتهم وجفرهم وسوء صنيعهم وإعراضهم عن الذكر فكان ذاكر اللّه فيهم كحامي الفئة المنهزمة فهو يطفئ ثائرة غضب اللّه على من أعرض عن ذكره ‏{‏ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض‏}‏ ومن ثمة شرع لداخل السوق الذي هو محل الغفلة الذكر المشهور ورتب عليه ذلك الجزاء العظيم الذي لم يقع مثله في حديث صحيح إلا قليلاً ‏(‏وذاكر اللّه في الغافلين‏)‏ كرره ليناط به في كل مرة ما لم ينط به أولاً، ذكره الطيبي ‏(‏كالمصباح في البيت المظلم‏)‏ شبه الذاكر بالسراج الذي يستضئ به أهل البيت ويهتدون به إلى المصالح ويحترزون بضوئه من الهوام ‏(‏وذاكر اللّه في الغافلين كمثل الشجرة الخضراء في وسط الشجر الذي قد تحات من الصريد الضريب‏)‏‏[‏كلمة ‏"‏الضريب‏"‏ لم ترد في متن الجامع الصغير ولا في الفتح الكبير للنبهاني‏.‏ دار الحديث‏]‏ أي تتساقط من شدة البرد والضريب الصقيع ويروى من الجليد شبه الذاكر بالغصن الأخضر الذي يعد للإثمار والغافل باليابس الذي يهيأ للإحراق ذكره القاضي‏.‏ قال الحكيم‏:‏ فكذلك أهل الغفلة أصابهم حريق الشهوات فذهبت ثمار القلوب وهي طاعة الأركان فالذاكر قلبه رطب بذكره فلم يضره قحط ولا برد وأما أهل الغفلة كأهل الأسواق فالحرص فيهم كامن وكلما ازداد الواحد منهم طلباً ازداد حرصاً فأقبل العدوّ فنصب كرسيه في وسط أسواقهم وركز رايته وبث جنوده فحملهم على الغفلة فأضاعوا الصلاة ومنعوا الحقوق فأهل الغفلة على خطر عظيم من نزول العذاب والذاكر ببينهم يرد غضب اللّه فيدفع بالذاكر عن الغافل وبالمصلي عمن لا يصلي ‏(‏وذاكر اللّه في الغافلين يعرّفه اللّه مقعده من الجنة‏)‏ أي في الدنيا بأن يكشف له عنه فيراه أو يرى له أو في القبر ‏(‏وذاكر اللّه في الغافلين يغفر اللّه له بعدد كل فصيح وأعجمي‏)‏ فالفصيح بنو آدم والأعجمي البهائم هكذا ذكره متصلاً مخرجه أبو نعيم فما أدري أهو من تتمة الحديث أو من تفسيره الراوي، شبه الذاكر بشجرة خضراء لها منظر بين الأشجار سقياها من فيض العطوف الغفار فهي رطبة بذكره لينة بفضله وأهل الغفلة بأشجار جفت فسقط ورقها ويبست أغصانها لأن حريق الشهوة أصابهم ‏[‏ص 559‏]‏ فذهبت ثمار القلوب وهي طاعة الأركان وذهبت طلاوة الوجوه وسمتها وسكون النفوس وهديها فلم يبق ثمر ولا ورق وما بقي من أثمر فمرّ أو حلو لا طعم له كدر اللون عاقبته التخمة فهي أشجار بهذه الصفة‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ وكذا البيهقي في الشعب ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الحافظ العراقي‏:‏ سنده ضعيف أي وذلك لأن فيه عمران بن مسلم القصير قال في الميزان‏:‏ قال البخاري منكر الحديث ثم أورد له هذا الخبر‏.‏

4312 - ‏(‏ذاكر اللّه‏)‏ شهر ‏(‏رمضان مغفور له‏)‏ من اللّه وسكت عن الفاعل للعلم به ‏(‏وسائل اللّه فيه‏)‏ شيئاً من الخير في الدين أو الدنيا ‏(‏لا يخيب‏)‏ بفتح أوله أو ضمه وإنما قال ذاكر اللّه في رمضان ولم يقل ذاكر اللّه وهو صائم ليبين شمول الحكم لليل‏.‏

- ‏(‏طس هب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ فيه هلال بن عبد الرحمن وهو ضعيف وقال الذهبي في الضعفاء‏:‏ منكر الحديث وأقول‏:‏ فيه أيضاً عبد اللّه بن علي بن جدعان قال الدارقطني‏:‏ لا يزال عندي فيه لين وقال الذهبي في الضعفاء‏:‏ قال أحمد ويحيى‏:‏ ليس بشيء وأبو زرعة‏:‏ غير قوي‏.‏

4313 - ‏(‏ذاكر اللّه خالياً‏)‏ أي في محل خال لا يطلع عليه فيه إلا اللّه والحفظة ‏(‏كمبارزة إلى الكفار من بين الصفوف خالياً‏)‏ أي ليس معه أحد فذكر اللّه في الخلوات يعدل في الثواب جوده بنفسه في القتال في الفلوات وهذا التنويه عظيم بفضل الذكر ومن ثمة كانت جميع العبادات تزول يوم القيامة إلا الذكر قال الإمام الرازي‏:‏ جميع التكاليف الظاهرة من صلاة أو غيرها تزول في عالم القيامة إلا الذكر والتوحيد لدلالة القرآن على مواظبتهم على الحمد والمواظبة عليه مواظبة عليهما قال الغزالي‏:‏ قال بعض المكاشفين‏:‏ ظهر لي الملك فسألني أن أملي عليه شيئاً من ذكري الخفي عن مشاهدتي من التوحيد وقال‏:‏ ما نكتب لك عملاً ونحن نحب أن نصعد لك بعمل تتقرب به إلى اللّه فقلت‏:‏ ألستما تكتبان الفرائض قالا‏:‏ بلى قلت‏:‏ فيكفيكما ذلك قال الغزالي‏:‏ وذا إشارة إلى أن الكاتبين لا يطلعان على أسرار القلب إنما يطلعان على الأعمال الظاهرة‏.‏

- ‏(‏الشيرازي في‏)‏ كتاب ‏(‏الألقاب عن ابن عباس‏)‏ ورواه عنه أيضاً الديلمي لكن بيض له ولده‏.‏

4314 - ‏(‏ذبح الرجل أن تزكيه في وجهه‏)‏ أي تزكيته في وجهه بمنزلة الذبح له إذا جعل ذلك المادح وسيلة إلى طلب شيء منه فإنه تلجئه شدة الحياء إلى الإجابة كرهاً فيتألم لذلك تألماً يكاد أن يضاهي تألم المذبوح‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر القرشي ‏(‏في‏)‏ كتاب فضل ‏(‏الصمت‏)‏ أي السكوت ‏(‏عن إبراهيم‏)‏ بن يزيد ‏(‏التيمي‏)‏ هو إما بفتح المثناة الفوقية وفتح المثناة التحتية نسبة إلى تيم بالتحريك بطن من غافق أو بفتح الفوقية وسكون التحتية نسبة إلى قبيلة تيمة بالسكون وهو الزاهد العابد ‏(‏مرسلاً‏)‏ أرسل عن عائشة وغيرها‏.‏

4315 - ‏(‏ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم اللّه‏)‏ عند الذبح ‏(‏أو لم يذكر إنه إن ذكر لم يذكر إلا اسم اللّه‏)‏ احتج به من ذهب إلى عدم وجوب التسمية على الذبيحة وهم الجمهور فقالوا‏:‏ هي سنة لا واجبة والمذبوح حلال سواء تركها سهواً أو عمداً وفرق أحمد بين العامد والناسي ومال إليه الغزالي في الإحياء حيث قال‏:‏ في مراتب الشبهات المرتبة الأولى ما يتأكد الاستحباب في التورع عنه وهو ما يقوى فيه دليل المخالف فمنه التورع عن أكل متروك التسمية فإن الآية أي وهي ‏{‏ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه‏}‏ ظاهرة في الإيجاب والأخبار متواترة بالأمر بها لكن لما صح قول المصطفى صلى اللّه عليه وسلم المؤمن يذبح على اسم اللّه سمى أو لم يسم يحتمل كونه عاماً موجباً لصرف الأية والأخبار عن ‏[‏ص 560‏]‏ ظاهر الأمر ويحتمل تخصيصه بالناسي والثاني أولى إلى هنا كلامه‏.‏ وهذا الحديث الذي حكم بصحته بالغ النووي في إنكاره وقال‏:‏ هو مجمع على ضعفه قال‏:‏ وقد خرجه البيهقي من حديث أبي هريرة وقال‏:‏ منكر لا يحتج به‏.‏

- ‏(‏د في مراسيله عن الصلت‏)‏ بفتح المهملة وسكون اللام وآخره مثناة السدوسي مولى سويد بن منجون ‏(‏مرسلاً‏)‏ قال عبد الحق‏:‏ هو مع إرساله ضعيف قال ابن القطان‏:‏ وعليه إن الصلت لا يعرف حاله قال ابن حجر في التخريج‏:‏ رواه البيهقي من حديث ابن عباس موصولاً وفي سنده ضعف وأعله ابن الجوزي بمغفل بن عبد اللّه فزعم أنه مجهول فأخطأ لكن قال البيهقي‏:‏ الأصح وقفه على ابن عساكر وقال في الفتح‏:‏ الصلت ذكره ابن حبان في الثقات وهو مرسل جيد أما كونه يبلغ درجة الصحة فلا‏.‏

4316 - ‏(‏ذبوا‏)‏ أي امنعوا وادفعوا ‏(‏عن أعراضكم‏)‏ بفتح الهمزة ‏(‏بأموالكم‏)‏ تمامه عند مخرجه الخطيب قالوا‏:‏ يا رسول اللّه كيف نذب بأموالنا عن أعراضنا قال‏:‏ تعطون الشاعر ومن تخافون لسانه اهـ بلفظه‏.‏

- ‏(‏خط عن أبي هريرة، ابن لال‏)‏ أبو بكر ‏(‏عن عائشة‏)‏ ورواه عنها الديلمي أيضاً‏.‏

4317 - ‏(‏ذراري المسلمين‏)‏ أي أطفالهم من الذرّ بمعنى التفريق لأن اللّه فرقهم في الأرض أو من الذرء بمعنى الخلق ‏(‏يوم القيامة تحت العرش‏)‏ أي في ظله يوم لا ظل إلا ظله ‏(‏شافع‏)‏ أي كل منهم شافع عند اللّه فيمن أذن له ‏(‏ومشفع‏)‏ أي مقبول الشفاعة غير مردودها ‏(‏من لم يبلغ اثنتي عشرة سنة‏)‏ بدل مما قبله أو خبر مبتدأ محذوف تقديره وهم، قال تعالى ‏{‏كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين‏}‏ قال علي وابن عمر رضي اللّه عنهم‏:‏ هم أطفال المسلمين قال المصنف‏:‏ ثم إذا دخلوا الجنة كانوا مع أرفع الأبوين مكاناً وخير الوالدين فضلاً وإحساناً ‏(‏ومن بلغ ثلاث عشرة سنة فعليه وله‏)‏أى فعليه وزر ما فعل بعد البلوغ من المعاصي وله أجر ما فعل من الطاعات وظاهره أن التكليف منوط ببلوغ هذا السن لكن مذهب الشافعية أن البلوغ وجريان القلم إما بالاحتلام أو ببلوغ خمس عشرة سنة‏.‏

- ‏(‏أبو بكر‏)‏ الشافعي ‏(‏في الغيلانيات وابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ ورواه عنه أيضاً أبو نعيم والديلمي فما أوهمه عدول المصنف لذينك من أنه لا يوجد لأحد من المشاهير غير سديد ثم إن فيه ركن الشامي قال في الميزان‏:‏ وهاه ابن المبارك وقال النسائي والدارقطني‏:‏ متروك ثم ساق هذا الخبر وفي اللسان عن الحاكم أنه يروي أحاديث موضوعة‏.‏

4218 - ‏(‏ذراري المسلمين‏)‏ أي أرواح أطفالهم ‏(‏في عصافير خضر‏)‏ تعلق ‏(‏في شجر الجنة يكفلهم أبوهم إبراهيم‏)‏ الخليل عليه السلام وفي رواية وسارة امرأته قال المصنف‏:‏ وروى ابن أبي الدنيا عن ابن مسعود وهو كمرفوع السند أن أطفال المسلمين ملوك في الجنة أما ذراري الكفار ففيهم ثلاثة أقوال قال النووي وهو قول الأكثر‏:‏ إنهم في النار إذ الغالب أن ولد اليهودي يتهود وولد النصراني يتنصر وولد المسلم يسلم لما غلب على الطبائع من التقليد والحرص على المألوف والميل إلى متابعة الآباء وتعظيم شأنهم وترويج آدابهم فحكمنا بإسلام ولد المسلم وترقبنا خلاصه وسحبنا كفر الكافر على ولده وخفنا عليه بناء على هذا الأمر الظاهر وإن احتمل غيره كما يتوقع الخلاص للصالح المذعن ويخاف على الفاسق المتمرد إن جاز عكسه‏.‏ الثاني‏:‏ أنهم في الجنة وصححه النووي لخبر إبراهيم حين رآه في الجنة وحوله أولاد الناس وأما حديث البخاري اللّه أعلم بما كانوا عاملين فلا تصريح فيه بأنهم في النار الثالث‏:‏ الوقف ورجحه البيضاوي فقال‏:‏ الثواب والعقاب ليسا بالأعمال وإلا لزم كون الذراري لا في الجنة ولا في النار بل موجبهما اللطف الرباني والخذلان الإلهي المقدر لهم في الأزل فالواجب في حقهم الوقف فمنهم من سبق القضاء بأنه سعيد حتى لو عاش ‏[‏ص 561‏]‏ عمل بعمل أهل الجنة ومنهم بالعكس اهـ‏.‏

- ‏(‏ص عن مكحول مرسلاً‏)‏‏.‏

4319 - ‏(‏ذراري المسلمين‏)‏ في الجنة كما في رواية أحمد ‏(‏يكفلهم إبراهيم‏)‏ الخليل زاد في الرواية المارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة ومر أن الأرواح تتفاوت في المقر أعظم تفاوت بحسب مقاماتها ومراتبها قال المصنف‏:‏ ورد في حديث أن في الجنة شجرة من خير الشجر لها ضروع كضروع البقر فمن مات من الصبيان الذين يرضعون رضعوا منها قال‏:‏ وروى ابن أبي حاتم عن خالد أن السقط يكون في نهر من أنهار الجنة يتقلب فيه حتى يوم القيامة‏.‏

- ‏(‏أبو بكر ابن أبي داود‏)‏ كتاب ‏(‏البعث عن أبي هريرة‏)‏ قضية صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجاً لأشهر ولا أعلى ممن عزاه إليه وإلا لما أبعد النجعة واقتصر عليه وهو تقصير فقد رواه الإمام أحمد باللفظ المزبور ورواه الحاكم والديلمي وابن عساكر‏.‏

4320 - ‏(‏ذروة الإسلام‏)‏ أي أعلاه ‏(‏أربع خصال الصبر للحكم‏)‏ أي حبس النفس على كريه يتحمله أو لذيذ يفارقه انقياداً لقضاء اللّه ‏(‏والرضا بالقدر‏)‏ بالتحريك أي بما قدره اللّه في الأزل بأن يترك الاختيار وتطمئن نفسه على الواقع به لا يلتمس تقدماً ولا تأخراً ولا يستزيد مزيداً ولا يستبدل حالاً ‏(‏والإخلاص للتوكل‏)‏ أي إفراد الحق سبحانه في التوكل عليه وتفويض سائر أموره إليه والاستسلام للرب أي الانقياد إليه في أحكامه من الأوامر والنواهي وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبي نعيم ولولا ثلاث خصال صلح الناس شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه‏.‏

- ‏(‏حل عن أبي الدرداء‏)‏ ورواه عنه أيضاً الديلمي‏.‏

4321 - ‏(‏ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل اللّه‏)‏ بقصد إعلاء كلمة اللّه والذروة من كل شيء أعلاه وسنام الشيء أعلاه فالجمع بينهما هنا للمبالغة ‏(‏لا يناله إلا أفضلهم‏)‏ يعني أفضل المسلمين المدلول عليه بلفظ الإسلام فإن جاد بنفسه للّه فهو أفضلهم بلا نزاع‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ رمز المصنف لصحته وهو غير صواب فقد أعله الهيثمي بأن فيه علي بـن يزيد وهو ضعيف اهـ فالحسن فضلاً عن الصحة من أين‏؟‏‏.‏

4322 - ‏(‏ذر الناس يعملون‏)‏ ولا تطمعهم في ترك العمل والاعتماد على مجرد الرجاء ‏(‏فإن الجنة مئة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض‏)‏ ودخول الجنة وإن كان إنما هو بالفضل لا بالعمل فرفع الدرجات فيها بالأعمال ‏(‏والفردوس‏)‏ أي وجنة الفردوس ‏(‏أعلاها درجة وأوسطها وفوقها عرش الرحمن‏)‏ فهو سقفها ‏(‏ومنها تفجر أنهار الجنة فإذا سألتم اللّه فاسألوه الفردوس‏)‏ قال ابن القيم‏:‏ أنزه الموجودات وأظهرها وأنورها وأعلاها ذاتاً وقدراً عرش الرحمن وكل ما قرب إلى العرش كان أنور وأرهز فلذا كان الفردوس أعلا الجنان وأفضلها‏.‏

- ‏(‏حم ت عن معاذ‏)‏ بن جبل‏.‏

4323 - ‏(‏ذروا الحسناء العقيم‏)‏ أي التي لا تلد ‏(‏وعليكم بالسوداء الولود‏)‏ كان القياس مقابلة الحسناء بالقبيحة لكن لما كان السواد مستقبحاً عند أكثر الناس قابله به وزاد أبو يعلى في روايته فإني مكاثر بكم الأمم حتى بالسقط يظل محنطئاً ‏[‏ص 562‏]‏ بباب الجنة فقال له‏:‏ ادخل الجنة فيقول‏:‏ حتى يدخل والدي معي‏.‏

- ‏(‏عد‏)‏ وكذا الموصلي والديلمي ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ وفيه حسان بن الأزرق ضعفه الدارقطني وغيره وأورد له ابن عدي ثمانية عشر حديثاً مناكير وعد هذا منها ونقله عنه في الميزان وقال في اللسان‏:‏ قال ابن عدي‏:‏ لا يتابع عليها والضعف على الحديث بين اهـ‏.‏ وبه يعرف أن سكوت المصنف على عزوه لابن عدي وحذفه من كلامه إعلاله غير صواب‏.‏

4324 - ‏(‏ذروا العارفين المحدثين‏)‏ بفتح الدال اسم مفعول جمع محدث بالفتح أي ملهم وهو من ألقى في نفسه شيء على وجه الإلهام والمكاشفة من الملأ الأعلى ‏(‏من أمتي لا تنزلوهم الجنة ولا النار‏)‏ أي لا تحكموا لهم بإحدى الدارين ‏(‏حتى يكون اللّه هو الذي يقضي فيهم يوم القيامة‏)‏ يظهر أن المراد بهم المجاذيب ونحوهم الذين يبدو منهم ما ظاهره يخالف الشرع فلا يتعرض لهم بشيء ويسلم أمرهم إلى اللّه‏.‏

- ‏(‏خط‏)‏ من حديث أيوب بن سويد عن سفيان عن خالد عن عبد اللّه بن مسور عن محمد بن الحنفية ‏(‏عن‏)‏ أبيه ‏(‏علي‏)‏ أمير المؤمنين وأيوب قال الذهبي في الكاشف‏:‏ ضعفه أحمد وغيره وابن المسور قال في الميزان‏:‏ غير ثقة وقال أحمد وغيره‏:‏ أحاديثه موضوعة وقال النسائي والدارقطني‏:‏ متروك ثم أورد له مما أنكر عليه هذا الخبر‏.‏

4325 - ‏(‏ذروني‏)‏ أي اتركوني من السؤال ‏(‏ما تركتكم‏)‏ أي مدة تركي إياكم من الأمر بالشيء والنهي عنه فلا تتعرضوا لي بكثرة البحث عما لا يعينكم في دينكم مهما أنا تارككم لا أقول لكم شيئاً فقد يوافق ذلك إلزاماً وتشديداً وخذوا بظاهر ما أمرتكم ولا تستكشفوا كما فعل أهل الكتاب ولا تكثروا من الاستقصاء فيما هو مبين بوجه ظاهر وإن صلح لغيره لإمكان أن يكثر الجواب المرتب عليه فيضاهي قصة بقرة بني إسرائيل شددوا فشدد عليهم فخاف وقوع ذلك بأمته ومن ثمة علله بقوله ‏(‏فإنما هلك من كان قبلكم‏)‏ من أمم الأنبياء ‏(‏بكثرة سؤالهم‏)‏ إياهم عما لا يعنيهم ‏(‏واختلافهم‏)‏ بالضم لأنه أبلغ في ذم الاختلاف إذ لا تقييد حينئذ بكثرة السؤال بخلاف ما لو جر هذا ما جرى عليه بعض الشارحين وقال بعضهم‏:‏ واختلاف عطف على الكثرة لا على السؤال لأن الاختلاف على الأنبياء حرام قل أو كثر وأثر تركتكم على ذرتكم ماضي ذروني لأن العرب لم تستعمله إلا في الشعر اغتناء عنه بترك كودع ماضي يدع ‏(‏على أنبيائهم‏)‏ فإنهم استوجبوا بذلك اللعن والمسخ وغير ذلك من البلايا والمحن وكثرة السؤال لتفرق القلوب ووهن الدين ومشعر بالعنت وأكثره مما ألبس فتنة أو شرب وأعقب عقوبة فلا ملجأ لما قيل إن النهي يخص زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم من خوف تحريم أو إيجاب يشق لا يقال السؤال مأمور به بنص ‏{‏فاسألوا أهل الذكر‏}‏ فكيف يكون مأموراً منهياً لأنا نقول إنما هو مأمور فيما يأذن المعلم في السؤال عنه والحاصل أن من الناس من فرط فسد باب المسائل حتى قل فهمه وعلمه ومنهم من أفرط فتوسع حتى أكثر الخصومة والجدل بقصد المغالية وصرف وجوه الناس إليه حتى تفرقت القلوب وانشحنت بالبغضاء ومنهم من اقتصد فبحث عن معاني الكتاب والسنة والحلال والحرام والرقائق ونحوها مما فيه صفاء القلوب والإخلاص لعلام الغيوب وهذا القسم محبوب مطلوب والأولان مذمومان وبذلك عرف أن ما فعله العلماء من التأصيل والتفريع والتمهيد والتقرير في التأليفات مطلوب مندوب بل ربما كان واجباً شكر اللّه سعيهم قال ابن حجر‏:‏ وكان ينبغي تلخيص ما يكثر وقوعه مجرداً عما ينذر سيما في المختصرات ليسهل تناوله ‏(‏فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه‏)‏ وجوباً في الواجب وندباً في المندوب ‏(‏ما استطعتم‏)‏ أي أطقتم لأن فعله هو إخراجه من العدم إلى الوجود وذلك ‏[‏ص 563‏]‏ يتوقف على شرائط وأسباب كالقدرة على الفعل ونحوها وبعضه لا يستطاع وبعضه له فلا جرم يسقط التكليف بما لا يستطاع إذ لا يكلف اللّه نفساً إلا وسعها وبدلالة الموافقة له يخص عموم ‏{‏وما آتاكم الرسول فخذوه‏}‏ ويؤخذ منه كما قال النووي في الأذكار‏:‏ ينبغي لمن بلغه شيء من فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة ليكون من أهله ولا يتركه مطلقاً بل يأتي بما تيسر منه لهذا الخبر ‏(‏وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه‏)‏ أي دائماً على كل تقدير ما دام منهياً عنه حتماً في الحرام وندباً في المكروه إذ لا يتمثل مقتضى النهي إلا يترك جميع جزئياته وإلا صدق عليه أنه عاص أو مخالف وهذا موافق لآية ‏{‏فاتقوا اللّه ما استطعتم‏}‏ وأما ‏{‏اتقوا اللّه حق تقاته‏}‏ فقيل نسخ وقيل تلك مفسرة لهذه‏.‏ قال النووي‏:‏ هذا الحديث من جوامع الكلم وقواعد الإسلام ويدخل فيه كثير من الأحكام كالصلاة لمن عجز عن ركن أو شرط فيأتي بمقدوره وكذا الوضوء وستر العورة وحفظ بعض الفاتحة وإخراج بعض زكاة الفطر لمن لم يقدر على الكل والإمساك في رمضان لمفطر بعذر قدر في أثناء النهار إلى غير ذلك‏.‏

- ‏(‏حم م ن ه عن أبي هريرة‏)‏ قال‏:‏ خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكره وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وليس كذلك بل رواه البخاري في الاعتصام عن أبي هريرة قال المناوي‏:‏ وألفاظهما متقاربة‏.‏

4326 - ‏(‏ذكاة الجنين‏)‏ بالرفع مبتدأ والخبر قوله ‏(‏ذكاة أمه‏)‏ أي ذكاة أمّه ذكاة له لأنه جزء منها وذكاتها ذكاة لجميع أجزائها وروي بالنصب على الظرفية كجنت طلوع الشمس أي وقت طلوعها يعني ذكاته حاصلة وقت ذكاة أمّه‏.‏ قال الخطابي وغيره‏:‏ ورواية الرفع هي المحفوظة وأيا ما كان فالمراد الجنين الميت بأن خرج ميتاً أو به حركة مذبوح على ما ذهب إليه الشافعي ويؤيده ما جاء في بعض طرق الحديث من قول السائل‏:‏ يا رسول اللّه إنا ننحر الإبل ونذبح البقر والشاة فنجد في بطنها الجنين فنلقيه أو نأكله فقال‏:‏ كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمّه فسؤاله إنما هو عن الميت لأنه محل الشك بخلاف الحيّ الممكن الذبح فيكون الجواب عن الميت ليطابق السؤال ومن البعيد تأويل أبي حنيفة بأن المعنى على التشبيه أي مثل ذكاتها أو كذكاتها فيكون المراد الحيّ لحرمة الميت عنده ووجه بعده ما فيه من التقدير المستغنى عنه ومن ثمة وافق صاحباه الشافعي قال ابن المنذر‏:‏ لم يرو عن أحد من الصحابة والعلماء أن الجنين لا يؤكل إلا باستئناف ذكاته إلا عن أبي حنيفة‏.‏

- ‏(‏د ك عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ‏(‏حم د ت‏)‏ وحسنه ‏(‏ه حب قط عن أبي سعيد‏)‏ الخدري ‏(‏ك عن أبي أيوب وعن أبي هريرة طب عن أبي أمامة وأبي الدرداء وعن كعب بن مالك‏)‏ قال الغزالي‏:‏ صح صحة لا يتطرق احتمال إلى منته وإلى ضعف في سنده وهو فيه متابع لإمامه فإنه ذكره في الأساليب وقال الحاكم‏:‏ صحيح الإسناد‏.‏ قال الزين العراقي‏:‏ وليس كذلك قال عبد الحق‏:‏ لا يحتج بأسانيده كلها اهـ قال ابن حجر‏:‏ الحق أن فيها ما تنتهض به الحجة اهـ قال العراقي‏:‏ ورواه الطبراني في الأوسط بسند جيد اهـ‏.‏ فكان ينبغي للمصنف عدم إغفاله فإنه ليس فيما ذكره مثله بل الكل معلول أما حديث جابر ففيه عبد اللّه بن أبي زياد القداح عن أبي الزبير القداح ضعيف وحديث أبي سعيد من طريق مجاهد عن أبي الوداك عنه قال ابن حزم‏:‏ حديث واه فإن مجاهداً ضعيف وكذا أبو الوداك وقال ابن القطان‏:‏ لا يحتج بأسانيده يفيده إلا أن الحجة تقوم بمجموع طرفة كما بينه ابن حجر أتم بيان وأقام عليه البرهان على أن في الباب أيضاً أبو أمامة وأبو الدرداء وأبو هريرة وعلي وابن مسعود وأبو أيوب والبزار وابن عمر وابن عباس وكعب وغيرهم ولما نظر إلى ذلك ابن حبان أقدم وصححه وتبعه القشيري وغيره‏.‏

4327 - ‏(‏ذكاة الجنين إذا أشعر‏)‏ أي نبت له الشعر وأدرك بالحاسة ‏(‏ذكاة أمّه‏)‏ أي تذكية أمه مغنية عن تذكيته إذا خرج ‏[‏ص 564‏]‏ بعد إشعاره ‏(‏ولكنه يذبح‏)‏ أي ندباً كما يفيده السياق ‏(‏حتى ينصاب ما فيه من الدم‏)‏ فذبحه ليس إلا لإنقائه من الدم لا يكون الحل متوقفاً عليه وهذه التفرقة لم يأخذ بقضيتها الشافعية والحنفية معاً بل الشافعية يقولون‏:‏ إن ذكاة أمه مغنية عن ذكاته مطلقاً والحنفية لا مطلقاً وهذا يعارضه حديث الدارقطني عن ابن عمر مرفوعاً ذكاة الجنين ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر وفيه مبارك بن مجاهد مضعف‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الأطعمة ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف، وكأنه ذهول فقد خرجه أبو داود باللفظ المزبور من حديث جابر‏.‏

4328 - ‏(‏ذكاة‏)‏ جلود ‏(‏الميتة دباغها‏)‏ أي اندباغها بما ينزع الفضول فالاندباغ يقوم مقام الذكاة في الطهارة كما بينه رواية ذكاة الأديم دباغه‏.‏

- ‏(‏ن عن عائشة‏)‏ قال الديلمي‏:‏ وفي الباب ابن عباس وغيره ورواه الدارقطني من عدة طرق بألفاظ مختلفة ثم قال‏:‏ أسانيدها صحاح‏.‏

4329 - ‏(‏ذكاة كل مسك دباغه‏)‏ بما ينزع فضوله وهذا نجس الجلد بالموت فخرج جلد المغلظ فإنه لا يطهر بالدباغ والمسك بفتح الميم وسكون السين الجلد والجمع مسوك كفلس وفلوس‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الأطعمة ‏(‏عن عبد اللّه بن الحريث‏)‏ مصغر حرث بمثلثة قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي‏.‏

4330 - ‏(‏ذكر اللّه شفاء القلوب‏)‏ مما يلحقها من ظلمة الذنوب ويدنسها من درن الغفلة ولهذا كان المصطفى صلى اللّه عليه وآله وسلم أكمل الناس ذكراً بل كان كلامه كله في ذكر اللّه وما والاه أمره ونهيه وتشريعه وإخباره عن أسماء الرب وصفاته وأحكامه وأفعاله ووعده ووعيده وتمجيده وتسبيحه وتحميده ورغبته ورهبته ذكراً منه بلسانه وصمته وذكر منه بقلبه في كل أحيانه‏.‏